اعتراف التلميذ المتمرد

من أعظم نعم الله علي -وله الحمد والثناء- أن يسر لي أمرا إذا اشتد عزمي عليه، وألحت رغبتي فيه.. فمثلا عندما عرفت أن الله تعالى استودع في نفسي حبا جما في الفنون الجميلة بكل أنواعها، لجأت إلى مباشرتها فالخوض فيها.. فإذا بالسبيل إليها ينبسط بل يوشك أن يكون محببا إلى نفسي.
وكذلك شأني عندما أردت أن آخذ من العربية حظي الذي لم أكن أقدر على العثور عليها، إلا بعد أن وطأت قدماي بلد الأزهر الشريف.. وفي رحابه العامر التقيت برجل فاضل، قلما تجد من يجاريه في حبه للعربية، وفي حبه لمن يحب العربية.
وليس ذنبي إذا أطلقت عليه أنه أمة وحده، فهو وحده الذي بذل جهودا جبارة -مذ أكثر من أربع سنوات- في تربية نواشئ الأزاهرة الوافدين النابغين، وفي ترقية مستواهم العلمي واللغوي والثقافي.
ومما يستدعي إعجابي -بل إجاب كل ذي عقل- أنه أنفق في سبيل اجتياز هذا الطريق الشاق الممل، كل ما يسعه إنفاقه من نفسه وماله الخاص مهما تكن الظروف.. وذلك في إخلاص كأتم ما يكون الإخلاص، وفي تواضع كأحسن ما يكون التواضع.
لقد صار هذا الرجل الفاضل أكبر مشجع لي في السمو بالعربية، ولم يكتف بأن يكون مشجعا، بل أخذ بزمام أمري ففتح عيني ومهد لي سبل العزة بالعربية.. وحينئذ بدأت أعتقد أنه لو كان لي من فضل في العربية فإليه -بعد المولى سبحانه- يرجع، وإذا كان لي فيها من خلل فبجهلي وإهمالي توجيهاته القيمة.

الحي السابع، ١٤ أكتوبر ٢٠١٤م
تلميذك المتمرد الذي أضمر لك الحب والوفاء
أحمد سترياوان هريادي

0 comments:

إرسال تعليق